إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 12 أكتوبر 2019

البنوك أصل خراب العالم

البنوك أصل خراب العالم – علم الإقتصاد
( الجزء الأول - نشأة البنوك والسيطرة على النقود )

لماذا تعمل من أجل الحصول على راتب في صورة نقود ورقية، بينما تطبعه البنوك مجانا وبدون جهد ؟!!
والأمر الأكثر عجبا،، لماذا تقوم بإدخاره في البنوك بينما هم يطبعونه كل يوم ؟!!
تلك الأمور لن تتعملها أبدا في المدارس !
" من المصلحة العامة ألا تفهم الشعوب كيف تعمل البنوك ونظامها المصرفي، فإذا علموا الحقيقة يوما ما، أعتقد أنه سيكون هناك ثورة عارمة قبل صباح اليوم التالي "
تلك مقولة شهيرة لأحد رواد صناعة السيارات في العالم " هنري فورد "
وإذا أردت فهم أمر ما، فأنظر كيف بدأ ثم راقب كيف تتطور حتى وصل الي ما هو عليه الآن.
ولن نفهم حقيقة البنوك وطبيعة نشاطها إلا إذا تتبعنا مسارها التاريخي مع مسار تطور النقود منذ ولادتها وحتى اليوم.
أنصح أيضا بقراءة سلسلة " قصة نقود العالم " قبل قراءة ذلك المقال.

- نشأة البنوك:-
فكرة قبول الودائع وإقراض النقود حاضرة في ذهن البشرية منذ القدم،
ولم تكن النقود مقتصرة فقط على العملات الذهبية أو الفضية، بل كانت أيضا تضم المقتنيات الثمينة.
نقوش بابلية قديمة - يُرجح أنها منذ 3000 عام قبل الميلاد - توضح أن المعابد في بابل كانت ملاذا آمنا لحفظ ثروات الناس وذلك بسبب حضور الكهنة والمتعبدين بشكل مستمر داخل المعابد، فكانت تتسلم الودائع من الناس وتحفظها.
ومع تكدس ثروات الناس لديها، بدأت فكرة إقراض الغير، فأصبحت أيضا تُقرض القروض، وذلك كان بمثابة ولادة الخدمات المصرفية،
ولكن لم يكن هناك مؤسسات مستقلة خصيصا لهذا الغرض.
ولكن خلال القرن الخامس قبل الميلاد، ظهر النظام المصرفي بشكل بدائي في بلاد الإغريق ( اليونان القديمة ) تزامنا مع تطور نظام الشركات فيها،
وكان ذلك النظام المصرفي أكثر تطورا من الأزمنة القديمة.
فكان هناك مصارف ( بنوك ) لها مباني خاصة ومستقلة بذاتها، وكانت ملكا لأفراد عاديين ( تجار ورجال اعمال )، وكانت المعابد أيضا تقوم ببعض الخدمات المصرفية العصرية، مثل قبول الودائع وتحويل العملات ونقل النقود من مدينة لأخرى.
ومن أبرز المصارف الإغريقية حينئذ كان واحدا يُدعى مصرف بانسيون،
بانسيون كان عبدا لمواطنين يونانيين، قاما بتعيينه موظفا لديهما في المصرف،
وعلى إثر نجاحه المبهر في إدارته المالية الحكيمة وتحقيقه أرباحا كبيرة، أعتقوه وصار بانسيون مواطنا حرا، بل وسلموه المشروع لإدراته بالكامل.
الجدير بالذكر أن عملية الإقراض لم يكن يصاحبها دفع ربا فاحشا، وكانت مضمونة بأملاك عقارية.
والأهم من ذلك، أن إخراج القروض من المصرف كان مصدره الموارد المالية الخاصة بــ مالك المصرف نفسه،
أى أنه إذا أراد المصرف إقراض شخص ما، كانت أموال القرض تأتي من الرصيد الشخصي لصاحب المصرف نفسه، وليست من أموال المودعيين !!
أما إقراض الناس بإستخدام الودائع كان نشاطا ثانويا محدودا.

وفي مصر- تزامنا مع العهد المقدوني بعد فتح الإسكندر لها - ضُربت النقود الذهبية والفضية في شكل عملة رسمية بها لأول مرة،
وأثناء عهد البطالمة، أصبحت الإسكندرية عاصمة مصر، بل وصارت هي المركز العالمي التجاري الأول،
فنشأت بها بيوت وشركات تجارية ومصارف مالية كثيرة تقوم بخدمات مصرفية متعددة، غرضها الأول دعم وتسهيل حركة التجارة، منها حفظ الودائع من الأموال والمعادن النفسية ونقلها من مكان لأخر وإقراض التجار لآجال قصيرة.
وكانت تُصرف الودائع لأطراف أخرى بأوامر تُصدر من العميل في شكل شيكات مثل نظام اليوم.
وبذلك نستنتج أن نظام البنوك والشركات إغريقي المنشأ.
وجاء من بعدهم الرومان، حيث كانوا قوة حربية ضخمة نجحوا في إخضاع الشعوب وإستنزاف ثرواتها،
لكنهم لم يُحسنوا إدارة الموارد المالية، واستغلوا النظام المصرفي للإقراض بربا فاحش بدلا من دعم الحركة التجارية،
وأحيانا كان الإقراض يصل بفائدة 50 %، وكان القياصرة والشخصيات السياسية المرموقة يشاركون أصحاب المصارف والمرابين في الإقراض.
وكانت أغلب القروض تنتهي بإمتلاك المرابين لثروة المقترضين بسبب عجزهم عن أداء الديون.
ومع تضخم الثروات وتزايد السخط العام وقيام الثورات المتتالية، لم تصمد الإمبراطورية الرومانية كثيرا أمام الفتح الإسلامي الذي أتى بنظام إقتصادي جديد يُحّرم الربا كليا.

= البنوك والسيطرة على النقود:-
ظل النظام المصرفي يسير على خطى بطيئة جدا في التطور منذ عهد الإغريق مرورا بالرومان،
ولم يكن للنظام المصرفي وجود حقيقي ملموس في كنف الخلافة الإسلامية، سواء في العهد الأموي أو العباسي،
لكن عملية الإقراض كانت حاضرة وتتم على نطاق محدود من بعض التجار اليهود والصاغة،
وظلت النقود التي تُقبل كودائع في المصارف محصورة في دائرة المعادن النفسية من الذهب والفضة فقط،
إلا أن الأراضي الإيطالية الشمالية في القرن الثالث عشر، تحديدا عند مدينة البندقية، كانت تشهد ولادة النظام المصرفي الحديث الذي نعرفه اليوم.
تقريبا في عام 1200، كانت البندقية هي المركز التجاري الأشهر في العالم،
وكان هناك نظاما يجبر اليهود المقيمين في البندقية لأكثر من أسبوعين لإرتداء زيا خاصة يميزهم عن باقي السكان الأصليين، وكان محل إقامتهم بمنطقة تسمى " جيتو نوفو"
وهناك كانوا يمارسون أعمالهم التجارية - على طاولات خشبية أمام مبانيهم - وكان أهمها منح القروض للتجار بفائدة،
وكانت كلمة Bank تعني الطاولة، ثم لاحقا أُطلق على مباني اليهود هناك اسم " بنكو روسو "
ومن هنا وُلد مصطلح  البنك أو المصرف من كلمة Bank نسبة الي الطاولة الخشبية التي كان اليهود يمارسون عليها أعمالهم التجارية والمالية.
ولأن اليهود كانوا هم أسياد القروض الربوية، حدث لهم نبذ إجتماعي وكراهية من سكان المدينة،
وكان اليهود يقدمون أيضا خدمات تسهل المعاملات المالية بين التجار، منها تأمين نقل النقود من مدينة لأخرى،
فإذا أراد تاجرا شراء بضائع من تاجرا آخر بالبندقية، كان يخاف على أمواله ( ذهبا أو فضة ) من نقلها، وذلك ليس في صالح التاجرين.
فيأتي هنا دور التاجر اليهودي، يتسلم النقود الذهب أو الفضة من التاجر الآخر، ويحفظها كوديعة عنده، ثم يكتب له ورقة ( كمبيالة أو إيصال يشبه فكرة الشيك اليوم ) كتعهد برد كمية الذهب أو الفضة المدونة عليها وقت الطلب، بشرط تسليم تلك الورقة مرة أخرى.
ثم تطور الأمر من مجرد تعامل على الطاولات الي ظهور البنوك بشكلها الحديث اليوم.
وبذلك نستنتج أن النظام المصرفي الحديث إيطالي المنشأ.
ومن أشهر المصارف الإيطالية فى ذلك الوقت خاصة عام 1419 كان بنك جيوفاني دي ميديشي فى مدينة فلورنسا، أحد أفراد عائلة ميديشي الشهيرة التى كانت من أغنى عائلات أوروبا فى ذلك الوقت، وكان البنك يملكه عدد من الشركاء " المساهمين ".
وبعد وفاه جيوفاني دي ميديشي عام 1429، ورث الإبن كوسيمو مكان أبوه، وبعد 20 سنة أصبح يمتلك الثروة والنفوذ السياسي،
كان بمثابة الأب الروحي لمدينة فلورنسا، لدرجة أن بابا الكنيسة قال أن كوسيمو هو الحاكم الفعلي لمدينة فلورنسا، وكان يتم فى بيته حل المشاكل السياسية للبلاد،
فكان ملكا حقيقىا بدون لقب رسمى.
وبعدما أصبحت البنوك كيانات قانونية رسمية، أنس الجميع التعامل معها بإيداع مدخراتهم وأملاكهم من الذهب والفضة،
وظل النشاط الرئيسي لهذه البنوك وحتى اليوم هو إقراض التجار والشركات، ثم توسعت دائرة الإقراض لتشمل الحكومات أيضا،
وسواء كنت مودعا ستحصل على عمولة ( فائدة أو ربا )، وإن كنت مقترضا ستدفع عمولة ( فائدة أو ربا )،
ولجأت البنوك الي تسمية الفائدة بالعمولة لتحاشي الصدام مع الرأى العام والكنيسة الكاثوليكية التى حرمت التعامل الربوي.
ثم توالى إنتشار البنوك في باقي أرجاء أوروبا،
ولكن أصحاب المصارف قاموا بأمر غير كل شيء !!!
عملية الإقراض نفسها كانت معتمدة على مصدرين من الأموال،
المصدر الأول هو أموال أصحاب البنوك نفسهم،
والمصدر الثاني هو أموال الموديعين،
مقابل كل وديعة من الذهب والفضة، كان يصدر البنك إيصالا قابل للإستبدال بالوديعة المحفوظة في أى وقت،
وإذا لم يكن هناك وديعة، ما يحق للبنك إصدار إيصال، وبالتالي كانت القروض الممنوحة مقيدة بــ كم الودائع الموجودة في خزائن البنك.
ولكن مع مرور الزمن، ومع تطور وتنسيق العمل المصرفي بين البنوك المختلفة، إعتاد الناس أكثر على إستخدام الإيصالات كوسائل للدفع والتعامل التجاري لسهولة حملها من مكان لآخر،
وبدأ يقل إقبال المودعيين على إستبدال ودائعهم بما يقابلها من الإيصالات الورقية،
فــ حدث تكدس لودائع الذهب والفضة في خزائن البنوك،
واستيقن رجال البنوك بالممارسة والخبرة، أن أكثر من 90% من المودعيين لا يأتون لإسترداد ودائعهم نظرا لثقتهم الكبيرة بالبنوك ولتجنب مخاطر السرقة.
وهنا تنبه أصحاب البنوك لــ حيلة ستمكنهم من جمع ثروات لا حصر لها، ومن ثم يمتد سلطانهم ونفوذهم السياسي داخل الحكومات  !!
طالما قل إقبال الناس على إسترداد ودائعهم من الذهب والفضة، إذن يمكن إصدار إيصالات أكثر والتوسع في الإقراض أكثر دون زيادة في الودائع !!
وبعد ما كانت مهام المصارف مقتصرة على التجارة بالأموال فقط،
أصبحت لديها أيضا القدرة على صناعة الأموال والمتاجرة بها  !!

ثم حدث تغير ثوري آخر في عالم النقود بالكامل،
وذلك عندما دخلت الحكومات لعبة النظام المصرفي، وبرزت البنوك المركزية الي الوجود.
فإنقلب النظام رأسا على عقب، وحلت النقود الورقية محل النقود الذهبية والفضية !!
فما هي قصة البنوك المركزية ؟!
يتبع في المقال القادم بإذن الله.

اللهم زدنا علما، والحمد لله رب العالمين
#من_كتابتي_الشخصية

هناك تعليق واحد: