إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 أكتوبر 2019

حنفية، ولا صنبور؟؟

حنفية، ولا صنبور؟؟

بص يا معلم، في البداية كدة، عشان يكون عندك حنفية ميّة في حمام بيتكو كدة المية تنزل جري علي ايدك تغسلها وتطرطش في كل حتة، الموضوع كان محتاج ثورة تغيير حقيقية وتضحيات ومحاربة افكار قديمة وموروثات، اه والله.

بدأت الثورة دي من فرنسا، بص انا عايزك تتخيل معايا شكل العالم في اوائل القرن ال١٩ كان عامل ازاي ومفيش لا حنفيات ميّة ولا شبكات تصريف حديثة، متخيل الريحة؟ عالم عبارة عن طرنشات ومخلفات وروايح عضوية وحفر صخرية ملطخة وامراض زي الكوليرا كدة، وكان لازم عشان الصورة دي تتغير، محتاجين نغير مصارين العالم كلها.

في فرنسا ما بين ١٨٠٥ ل١٨١٢م قدر المهندس برونيسو انه يبدأ ثورة تغيير الشبكة الصحية لباريس من الشبكة القديمة البدائية للبنية التحتية الحديثة، ويبدأ بعدها ثورة تغيير حقيقية من عالم ذا رائحة قذرة لعالم نضيف حرفيا، بشبكة صرف صحي جديدة بعد دراسة وافية.

وعلي حس المتغيرات الجديدة دي، بدأ العالم كله يحذو حذو فرنسا لتصريف المخلفات عن طريق بلاعات جديدة ومجاري، بعد ما كانت بتتراكم وحاجة اخر قرف، وكان السبب الرئيسي زي ما قلنا هو انتشار امراض زي الكوليرا والتيفويد.

في مصر، اول شبكة صرف صحي وشركات ضخمة للمياة كانت في ستينات القرن ال١٩، عن طريق مهندسين اوروبيين بأشراف من الخديوي اسماعيل شخصيا نظرا لثورة التغيير اللي كان عايز يعملها في مصر، وكان منفذ المشروع هو وليام ويلكوكس Willcocks وبرايس باي Price Bey البريطانيين.

دا بالنسبة للصرف، مصر كانت من اوائل الدول اللي انشأت فيها الشبكات دي، طيب نيجي بقا للحنفية، دخلت ازاي واتسمت كدة ليه؟

سنة ١٨٨٤م، كانت انجلترا محتلة مصر بقالها سنتين، وكانت المساجد بتعتمد علي الميضة، او الميضأة، اللي هيا جاية من الوضوء، ودي بتبقا بتاعة كدة عليها قبّة بتتملي ميّة وبتتحط في ساحات المساجد، اللي زي في مسجد احمد بن طولون وعمرو بن العاص لو زرتوهم قبل كدة، وكان شيخ المسجد بيروح اول واحد يتوضى فيها وبعدين المصلين يتوضوا بعديه عشان ياخدوا البركة بتاعته،

اما عن مياة الشرب، فا كانت وظيفة السقا، زي اللي في الصورة كدة، راجل علي ضهره قربة ميّة، بيصحي الفجر يملى القربة بتاعته اما من نقاط معينة من النيل علي طول، واما من الحنفيات العمومية اللي كانت بتحطها مصر بشكل بدائي كدة زي محنا شايفين،ويبدأ يعدي عالشوارع والحارات والبيوت يسقي الناس في مقابل مادي، ووظيفة السقا في الفترة اللي البيوت فيها كانت خالية من اي اعمال سباكة او مياة صالحة للشرب، مربحة جدا لان محدش هيبطل يشرب يعني،

وده اللي خلاها واحدة من اهم الوظايف الشعبية في التاريخ، لدرجة استحداث نقابة للسقايين وشيخ للسقايين وحارة كاملة بأسمهم "حارة السقايين"،

المهم انه يوم ٧ مايو سنة ١٨٨٤م، ولان انجلترا كان يهمها دخول مستعمرة من مستعمراتها الي الحداثة حيث الشبكات والصنابير، عشان تحد من انتشار الامراض اللي كانت بتيجي عالزرع اللي في الاساس محتاجينه طبعا،

فا اقرت بريطانيا حاجة اسمها "المنشورات والقرارات والمعاهدات الصادرة في ١٨٨٤م"، القانون رقم ٦٨، واللي بينص علي ايه بقا؟

استبدال الميضة بتاعت الوضوء اللي في الجوامع، بصنابير مربوطة بشبكة الامداد بمياه الشرب اللي بدأت الحكومة تركبها، على أن يـُلزم ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال، يعني كمان وزارة الاوقاف هيا اللي هتعمل كدة، والتجربة علي ٣ مساجد، وطبعا بعد كدة بدأ الاثرياء يتجهوا للحوار ده ومن وراهم بعض العائلات،

الكلام ده كان واقع كالصاعقة علي فئة قوية جدا هتتضر ماديا بسبب قرار زي ده، السقايين، ودول زي ما قلنا ليهم نقابة يعني مش قليلين.

فا "يقال" ان السقايين اجتمعوا، وقرروا انهم عشان يحافظوا علي شغلتهم دي، يروحوا علي ممثلين المذاهب الاربعة يستصدروا منهم فتاوي بتحريم استخدام الصنابير الجديدة دي في الوضوء، وفعلا اتصدر فقهاء "المالكية والشافعية والحنبلية"، وخرجوا برأيهم ان استخدام المياة من الصنبور الجاري "بدعة" ولا يصح الوضوء بيها، وكان سبب التحريم او الاختلاف غريب جدا، ان الصنابير الجديدة بتسيب بركة ماء مختلطة بطين الشارع، وان العربيات اللي بتجرها الخيول لما بتعدي عليها بتطرطش طين علي وجوه المؤمنين،

المهم انه دار جدال كبير بين المذاهب ما بين رافض او ممتنع، لحد ما خرج الحنفية" مذهب الامام ابو حنيفة النعمان" بالمفيد، وكان رأيهم ان الوضوء بمياة الصنبور اصح من المياة الراكدة لان مياة الصنبور "جارية" والمذهب اساسا بيفضل الماء الجاري في الوضوء، فكانت الناهية هي الاباحة.

ومع الوقت لما انتشرت صنابير الميّة، بقا لتمييزها عن الميضة، بقوا يقرنوها بالحنفية، يعني المذهب الحنفي، وبقا اسمها "حنفية" اقتداءا بجوازها في المذهب الحنفي دونا عن غيره.

وهيا دي قصة الحنفية واسمها، ومن مصر "لانها اول دولة عربية دخلها النظام الجديد" انتشر الاسم في الدول المحيطة زي الشام كدة،

فا تخيل انه كان حرام انك تستخدم حنفية المية!!

شكرا.

المصدر :
- المنشورات والقرارات والمعاهدات الصادرة في ١٨٨٤م وده موجود علي جوجل pdf
- https://bit.ly/2AIfzFe
- https://bit.ly/2LK1ais
- https://bit.ly/2LJYqkX

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق